(نسخة مصوّرة بجودة عالية بصيغة Pdf / عدد الأوجه : 10 / مقاس : 9.5*21 سم ) | |
التفريغ النصّي للمطويّة :
الحمد لله الكريم الرحمن، ذي العطايا الجزيلة والإحسان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الهادي إلى أعظم الشرائع والأديان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبل الخير والرضوان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان. أما بعد: اعلمي يا أختاه رحمني الله وإياك: أن دين الإسلام هو آخر الأديان السماوية، وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، قال تعالى: وإن مما شرعه الله تعالى لعباده المسلمين الأعياد والمناسبات، لتعود بخيرها وفضلها على الأفراد والمجتمعات، وفضّل سبحانه بعض الأيام على بعض حسبما اقتضته حكمته البالغة، وربط العيد بالعباده ليسعد المسلم بالتزامها وإتمامها، فعيد الفطر جاء عقب إتمام صوم رمضان، وعيد الأضحى جاء عقب الوقوف على صعيد عرفة الذي به تتم فريضة الحج. وقد شرع الله عز وجل لنا إحياء هذين العيدين ولم يجعل لهما ثالثاً، إلا أن عدو الله إبليس – لعنه الله – قد آلى على نفسه أن يصد عباد الله عن سواء السبيل، وأن يقعد لهم بكل صراط مستقيم، ليحول بذلك بينهم وبين رحمة الله ورضاه، ويقذف بهم في درك الشقاء والحرمان، فعمد إلى أوقات وأيام اتخذها الناس – كاليهود والنصارى – أعياداً فزينها لهم، وجعلها ميادين للملذات والمنكرات، ورسم لهم فيها من ضروب الشهوة والشبهة والغواية ما استمال به قلوبهم وصرفهم عن سبيل الحق والهدى ودلهم على طريق الضلال والهوى. ولقد كان المدخل الذي استطاع منه عدوالله أن يخترق عقول وقلوب المسلمين هو الافتتان ببريق الحضارة الغربية، وما هم عليه من التقدم، وأعماهم عدو الله وعدوهم عن قول الله عز وجل: وكان آخر ما ابتلي به المسلمون من هذه الجحور هو الجحر ( الفالنتايني ) والذي أسموه بـ: عيد الحب؟ اسم فسوق و ولقد سارعت كثير من أخواتنا المسلمات إلى الإحتفاء بهذه الظاهرة الدخيلة لمجرد اعتقادهن أنها ذكرى جميلة، أو أنها نوع من التسلية والترفيه، والأدهى من ذلك والأمرُّ من تدَّعي أنها من مظاهر الحضارة ومن لوازم المدنية، والله يعلم إني لم أجازف في نسبة ذلك إليهن، بل هو حقيقة قولهن، فيا حسرة الفؤاد، ويا أسفا على أخواتنا اللاتي ما علمن أنهن بحجة التسلية والركض وراء الحضارة المزعومة والمدنية الزائفة قد عرضن إيمانهن واعتقادهن – الذي هو أغلى ما يملكن – للخسارة والضياع ! أَوَمَا وجدت أولئك الأخوات شيئاً يتسلين به سوى ما هو شعار للكفر والطغيان، الذي يُحِلُّ غضب الرحمن، ويرضى به الشيطان؟ إن تعجبي فاعجبي من حال أخواتنا المسلمات اللاتي هداهن الله وشرح صدورهن للإسلام كيف يقفن من هذا العيد ! فقد أخبرتني إحدى أخواتي البريطانيات اللاتي منَّ الله عليها بالإسلام عن دهشتها وأنها تستغرب من حال أخواتها المسلمات اللاتي يشاركن في هذا العيد، مع أن أخواتهن في بريطانيا يستنكرن ذلك، ويستنكفن من المشاركة فيه، فيا لله العجب من حال أخواتنا هناك ! كيف فررن من المشاركة في هذا العيد فرار الطيور إلى الأوكار، ومن حال أخواتنا هنا كيف تهافتن على المشاركة فيه تهافت الفراش على النار! وقصة ( فالنتاين ) تتلخص في: أن الرومان كانوا يحتفلون في (14) فبراير بملكة آلهة الرومانيين ( جونو )، وكانت تتفسخ وتنحل أثناء احتفالهم بهذا العيد، فتقوم الفتيات بكتابة أسمائهن في أوراق ثم تضعهن في زجاجات فارغة، ثم يأتي كل شاب فيختار بالقرعة اسم عشيقته ليحتفل بها في هذا العيد، واستمر الحال على ذلك حتى القرن الثالث الميلادي الذي كان يحكم الرومان فيه الإمبراطور كلاوديس الثاني، والذي قام بعدة حملات حربية باءت بالهزيمة والفشل، فأدرك أن سبب ذلك هو صعوبة جمع رجال الجيش بسبب ارتباطهم بزوجاتهم وعشيقاتهم، مما حدى به إلى إصدار أمر يمنع القساوسة فيه أن يتموا للجنود عقود الزواج، فاضطر القساوسة جميعهم للإستجابة لأمره إلا قسيساً كان يدعى: ( فالنتاين ) فقد أبى الانصياع لأمره، وكان يتم عقود الزواج سراً، لكن سرعان ما افتضح سره، وبان أمره، فتم اعتقاله وإدانته بمخالفة الإمبراطور وحُكِم عليه بالإعدام، وأثناء إقامته في السجن تعرف على ابنة السجان، والتي كانت تزوره متخفية، مصطحبة معها وردة حمراء لإهدائها له، فوقع في حبائل حبها وغرامها، وخرج عن تعاليم شريعته النصرانية التي تُحرِّم على القساوسة الزواج أو عقد العلاقات العاطفية، ثم إن الإمبراطور قد دعاه إلى عبادة آلهة الرومان مقابل العفو عنه، ولكنه رفض ذلك وثبت على نصرانيته فنُفِذ فيه حكم الإعدام في يوم ( 14 ) فبراير عام ( 207م ) ومن حينها أطلق عليه النصارى لقب قديس لأنه فدى النصرانية بروحه، وشفعوا له خطيئة وقوعه في الحب بسبب ثباته على دينه، وقاموا بإحياء ذكراه في هذا اليوم من كل عام، وأصبح عشاقهم يتبادلون في هذا اليوم الهدايا والورود الحمراء وبطاقات تحمل صورة ( كيوبد ) – الطفل المجنح الذي يحمل قوساً ونشاباً – والذي يمثل إله الحب لدى الرومان، ومن ذلك التاريخ وإلى هذا اليوم والنصارى يحيون هذه الذكرى ويسمونها ب: ( عيد الحب ). أختاه: لعلًّك بعد هذه الخلفية التاريخية لعيد الحب هذا، وبعد أن تجلَّت لك الحقائق وانكشفت لك الستور أن تتساءلي: ما دخلنا – نحن المسلمين – بعيد اشتركت فيه الوثنية والنصرانية؟ وما علاقة تخليد النصارى لقديسهم ( فالنتاين ) بديننا وعقيدتنا؟ إن المسألة ليست بالهيّنة، فلو لم يكن في هذا العيد إلا مشابهة النصارى في أعيادهم لكان في العقل أعظم زاجر وأكبر ناه عن المشاركة فيه، كيف وهو مما تتفق العقول السليمة والفطر المستقيمة على استحالة شرعه وامتناع جوازه !! ونحن لم نر أحداً من غير المسلمين يشاركنا فرحتنا بعيدي الفطر والأضحى، بل يلاحظ أنهم لا يأبون بنا ولا بأعيادنا وربما سخروا من حفاوتنا بهذين العيدين، بل إنهم بالفعل قد تجرؤوا على الاعتراض على الشعائر التي نحييها في أعيادنا، فقامت جمعيات الرفق بالحيوان بالصراخ والعويل على ما يفعله المسلمون في عيد الأضحى المبارك من نحر الأضاحي والهدي بحجة القسوة والوحشية على تلك الذبائح، فيا له من أمر يضحك عجباً، ويبكي حزناً، ويثير حمية للدين وغضباً، كيف يعترضون على أعيادنا مع جمال مقصدها وكمال غايتها وجلالة أهدافها وبعدها عن الانحراف وسافل الأمور، ونحن نتهافت على أعيادهم ومعتقداتهم الفاسدة مع انحطاط مقاصدها وخسة غاياتها ودناءة أهدافها؟ فهذا والله لما يزيد القلب أسى وحسرة وألماً، ولكنّ الجائحة عامة، والجنون فنون، فاسألي يا أختاه مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه، وأن لا يوقعك في ظلمة من هذه الظلمات. أختاه: ألست تقرئين في كتاب الله عز وجل وصف أمتنا بأنها: وأما الأحاديث النبوية فكثيرة، منها قول رسول الله فإن قال قائل: إنما نأتي بعضاً من أفعالهم الظاهرة ونخالفهم في معتقداتهم. قيل له: إن موافقتهم في أمر من الأمور قد يكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فالمشاركة في الظاهر تورث المشابهة في الباطن، ومن حام حول الحمى أوشك أن يواقعه، ولقد كان من هدي رسولنا الكريم والأعياد من جملة الشرائع والمناسك التي قال الله سبحانه عنها: فإن قال قائل: لم نقصد بهذه الأعياد مشابهة الكفار البتة. قيل له: إن رسول الله وقد قدم رسول الله وهذه الأحاديث التي أَوْرَدتُها غيض من فيض، فلا ينبغي لمن نَصَحَتْ نفسها ورَامَتْ سلامتها أن تتعامى عنها، فإن ذلك من أعظم الغبن وأقبح الجهل، وما أدري ما العذر أمام الله عز وجل للأخت المسلمة التي طرقت سمعها هذه النصوص الشرعية ثم قابلتها بالإعراض والنكوص على العقبين. واعلمي – رعاك الله – أنه لم يكن على عهد سلف الأمة ومن سار على نهجهم من يشارك أهل الكتاب في أعيادهم، بل كانوا أحرص الناس على البعد عنها واجتنابها، حتى إنهم كانوا إذا فتحوا بلداً من بلادهم أخذوا العهد على أهل الذمة أن لا يظهروا شيئاً من أعيادهم في بلاد المسلمين، فكيف يسوغ لمن جاء بعدهم من هذه الأمة أن يشاركوهم في أعيادهم؟ فعليك يا أختاه باقتفاء آثار رسول الله وكما لا يحل لنا المشاركة في تلك الأعياد فإنه لا يحل لنا الإعانة على إقامتها، فلا يجوز قبول أي دعوة أو هدية خاصة بهذا العيد بل ينهى عن ذلك ويزجر. ولتعلمي يا أختاه أن تعبيرنا عن مشاعر الحب وعواطف الود من آكد الأمور التي حث عليها ديننا العظيم، إلا أن شريعتنا السمحاء جاءت بحدها بضوابط شرعية كي تبقى هذه المحبة طاهرة نقية لا تحيد إلى معان لا رقي فيها ولا سمو، وقد رتب الله عز وجل على المحبة بين المتحابين إذا كانت في الله ولله الأجر الكريم والثواب العظيم، حيث جعلها سبباً موجباً لمحبته، وبهذه المحبة يُظل الله المتحابين فيه بظله يوم لا ظل إلا ظله، قال رسول الله ![]() ![]() ولعلك تشعرين بالمحبة والمودة، ويمكنك رؤيتها عياناً في كل يوم وهي تتدفق في كل لحظة من لحظات الحياة بين الآباء والأبناء والأصحاب والأحباب دون أن يكون لها يوم ( فالنتايني ) محدد. ولعل ثمة سؤال يدور في خلدك يا أختاه: ماسبب تهافت كثير من المسلمين على المشاركة في هذا العيد، والمحبة تعمر قلوبهم في كل يوم بل وفي كل لحظة؟ وجواب ذلك: أن كثيراً من هؤلاء قد افتقد معاني الحب الصادق فحاول استبدال المحبة الصادقة المنشودة بالمحبة الزائفة المفقودة. ولقد حرص ديننا على إظهار المحبة بين المسلمين، فدلهم على الأسباب الجالبة لها مثل إفشاء السلام، فقال رسول الله وشريعتنا السمحاء قد حثتنا ورغبتنا في التهادي، نظراً لما للهدية من أثر بالغ على القلوب، فقال رسول الله هذه نصيحة أهديها لك يا أختاه، وقد أحببت من خلالها أن أذكر نفسي وإياك بخطورة أمر التشبه بالكفار ووعورة مسلكه، وما ذكرته لك قطرة من بحر، ولعلك أن تتنبهي بها على ما وراءها من كلمات وتستنيري، وختاماً: أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلني وإياك وسائر أخواتنا المسلمات ممن آثر حبه على هواه، وابتغى بذلك قربه ورضاه، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. (مصدر التفريغ : موقع كلمات – قسم المرأة و الأسرة) |
التصنيفات: T2, المرأة المسلمة, دار القاسم