(نسخة مصوّرة بجودة عالية بصيغة Pdf / عدد الأوجه : 10 / مقاس : 9.5*21 سم ) | |
التفريغ النصّي للمطويّة :
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه ومذل من أضاع أمره وعصاه، أحمده على جزيل كرمه وما أولاه وأشكره على آلائه الجسيمة وما أسداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله خير عبد اجتباه وأفضل رسول اصطفاه، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن كان هواه تبعاً لهداه، وبعد: فإن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وقد جعل الله بين يدي الساعة أشراطاً تدل على قربها، ولقد كان نبيكم وقد ظهر كثير من أشراطها وتحقق ما أخبر به المصطفى وإذا ظهرت الأشراط الكبرى تتابعت كتتابع الخرز في النظام إذا انفرط عقده يقول النبي وفي المسند: ( الآيات خرزات منظومات في سلك فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً ). أيها المسلمون: إن من أمارات الساعة بعثة المصطفى يقول ابن مسعود رضي الله عنه: ( سيأتي عليكم زمان لو وجد أحدكم الموت يُباع لاشتراه ). ويقول النبي وآخر هذه الأمة يصاب بالبلاء يقول النبي أيها المسلمون: من أشراط الساعة: كثرة الزلازل، ويقع خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ويكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده، وتخرج دابة على الناس ضحى تكلم الناس أن الناس كانوا بآيات ربهم يوقنون، ويقرب الزمان فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة، ويكثر النساء ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد، ويخرج يأجوج ومأجوج، في الصحيحين عن زينب بنت جحش أن الرسول ويستهان بالمحارم، ويستخف بالنواهي، فيشرب الخمر، ويفشو الزنا، ويلقى الشح في القلوب، ويكثر الهرج وهو القتل، حتى لا يدري القاتل فيم قَتل ولا المقتول فيم قُتل، فقيل كيف يكون ذلك يا رسول الله؟ قال: { القاتل والمقتول في النار } [رواه مسلم]. وتشرئب أعناق البشر إلى الدنيا فيتطاولون في البنيان ويعرضون عن دين الله فيقع الشرك في هذه الأمة وتلحق قبائل منها بالمشركين، يقول النبي وإذا انسلخت عن دينها وأضاعت ملتها وتنكرت لشريعتها ضلت وتلمست الهدى من غير وحيها ويقول النبي أيها المسلمون: ليس بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال، وما نبي إلا حذر أمته منه، وقد كان النبي يتعوذ منه في كل صلاة وقد أكثر النبي وفي خفقة من الدين وإدبار من العلم يخرج مسيح الضلالة من جهة المشرق فيفر الناس منه في الجبال، ويسير في الأرض، فلا يترك بلداً إلا دخله إلا مكة والمدينة فقد حرّم الله عليه دخولهما كلما أراد أن يدخلهما استقبله ملك بيده السيف صلتاً يصده عنهما على كل نقب من أنقابهما ملائكة يحرسونهما، وترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج منها كل منافق وكافر وينزل في السبخة في الجرف ويكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل يرجع إلى حميمته وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إلى الدجال. أيها المسلمون: إن للدجال فتنة عظيمة وإن معه نهران يجريان أحدهما تراه العين ماء أبيض والآخر تراه العين نار تأجج يقول النبي هذا وإن الذي يرى الناس أنه ماء فهو نار تحرق. يمتحن الله بالدجال عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه، ويقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الرجل الميت الذي قتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، ومن لا يستجيب له يرد عليه أمره، تصيبهم السنة والجدب والقحط والقلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، يقع ذلك كله بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل الذي أحياه بعد قتله ولا غيره. يبتلي الرب به عباده في آخر الزمان فيضل به كثيراً ويهدي به كثيراً، ويكفر المرتابون، ويزداد الذين آمنوا إيماناً، لبثه في الأرض أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم وإسراعه في الأرض كغيث استدبرته الريح. وأما نعته: فشاب جسيم أحمر أجلى الجبهة عريض النحر، فيه دفأ – أي انحناء – جعد الرأس، كثير الشعر، أعور العين، كأن عينه عنبة طافية، لا يولد له. قال تميم الداري عنه: أعظم إنسان رأيناه قط وأشده وثاقاً مكتوب بين عينيه كافر. وفي رواية لمسلم ثم تهجاه ك ف ر يقرأ ذلك كل مؤمن كاتب وغير كاتب. يقول الإمام السفاريني رحمه الله: ( ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال لاسيما في زماننا هذا الذي اشرأبت فيه الفتن وكثرت فيه المحن ). إن العصمة من الدجال بالتمسك بالإسلام والتسلح بالإيمان ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى على ضوء ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، فالمسيح بشر يأكل ويشرب، والله تعالى منزه عن ذلك، والدجال أعور، وربنا ليس بأعور، والله لا يراه أحد قبل أن يموت، والدجال يراه الناس مؤمنهم وكافرهم. أيها المسلمون: أكثروا من التعوذ من فتنته ومن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، وفي لفظ لمسلم { من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف }، وفي لفظ { خواتمها } { عُصم من الدجال } وإذا سمعت بالدجال فانأ عنه، ولا تأته، فإن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات. أيها المسلمون:
إذا خرج الدجال في آخر الزمان كثر أتباعه وعمت فتنته، ولا ينجو منه إلا قلة من المؤمنين، وعند ذلك ينزل عيسى ابن مريم في شرقي دمشق، عند المنارة البيضاء، ويلتقي حوله عبادُ الله المؤمنون، فيسير بهم قاصداً مسيح الضلالة ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجهاً بيت المقدس، فيلحق به عيسى عند باب لُدِّ في فلسطين، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، فيقول له عيسى: إن لي فيك ضربة لن تفوتني. فيدركه عيسى فيقتله بحربته وينهزم أتباعه، فيتبعهم المؤمنون فيقتلونهم. وبقتله تنتهي فتنته العظيمة، والأمر لله من قبل ومن بعد. عباد الله: إن زمن عيسى بعد قتل الدجال زمن أمن ورخاء ورغد من العيش، يرسل الله مطراً لا يُكنُّ منه بيت مدر ولا وبر، ويقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل الجماعة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرّسل – أي اللبن – حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس. وتقع الآمنة على الأرض فترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم، ويعد مكث عيسى عليه السلام في الأرض سبع سنين، يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، وتقوم الساعة وليس على وجه الأرض من يقول: الله الله وتطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا جميعاً، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، ويطبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل، وآخر أشراط الساعة الكبرى وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة نار عظيمة تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا. وبعد: أيها المسلمون فوعد الله حق والساعة آتية لا ريب فيها، والدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء والآزفة قد أزفت، ومن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته ثم اشتدت عليه حسراته، فالآمال تطوى، والأعمار تفنى ومن أطال الأمل نسي العمل وغفل عن الأجل. وفي صباح كل يوم ينعاك ضوءه، فالسعيد من أعد العدة واستعد للنقلة. قال بعض الحكماء: عجبت ممن يحزن على نقصان ماله ولا يحزن على نقصان عمره، فاجتهد في العبادة وابكِ على الخطيئة، وفر من العقوبة. فالموفق من صرف أمله إلى ما يبقى وقطعه عما يفنى، لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك فقال: ( أبكي لتفريطي في الأيام الخالية، وقلة عملي للجنة العالية ). (مصدر التفريغ : موقع كلمات – قسم الرقائق و المواعظ) |
التصنيفات: T2, دار القاسم, مطويّات متنوّعة في قسم العقيدة