(نسخة مصوّرة بجودة عالية بصيغة Pdf / عدد الأوجه : 10 / مقاس : 9.5*21 سم ) | |
التفريغ النصّي للمطويّة :
الحمد لله الذي حث عباده على الجود والإنفاق، وضمن لهم ما يحتاجونه من الأموال والأرزاق، والصلاة والسلام على من عم جوده وعطاءه الآفاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التلاق. أخي المسلم: صح عن النبي فهل حاسبت نفسك – أخي المسلم – عن مالك، من أين اكتسبته، وفيم أنفقته؟ هل اكتسبته من حلال وأنفقته في حلال؟ أم اكتسبته من حرام وأنفقته في حرام؟ أم اكتسبته من حلال وأنفقته في الحرام؟ واعلم – أخي المسلم – أن المال سبب موصل إما إلى الجنة وإما إلى النار، فمن استعان به على طاعة الله، وأنفقه في سبل الخيرات، كان سببا موصلا إلى رضوان الله والفوز بالجنة، ومن استعان به على معصية الله، وأنفقه في تحصيل شهواته المحرمة، واشتغل به عن طاعة الله، كان سببا في غضب اله عليه واستحقاقه العقاب الأليم. قال الله تعالى: وأخبر سبحانه أن من أنفق ما له في الصد عن سبيل الله، فسوف يلحقه الخزي والندامة يوم القيامة، قال تعالى: وقال سبحانه عن القسم الأول الذين استعانوا بالمال على طاعة الله وأنفقوه في مرضاته: وعن أبي ذر وعن أبي هريرة وعن أبي هريرة الكنز في الإسلام ليس الكنز في الإسلام هو المال الكثير، ولكنه المال الذي لم تؤد زكاته. قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ما كان من مال تؤد زكاته فليس بكنز، وإن كان مدفونا، وما ليس مدفونا لا تؤدي زكاته، فإنه الكنز الذي ذكره الله تعالى في كتابه. فريضة الزكاة وأهدافها أخي المسلم: اعلم أن الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، قال النبي وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس أحد يؤتي زكاة ماله إلا سأل الرجعة عند الموت، ثم تلا قوله تعالى: قال ابن الجوزي: وينبغي للمتيقظ أن يفهم المراد من الزكاة، وذلك ثلاثة أشياء: أحدها: الابتلاء بإخراج المحبوب. والثاني: التنزه عن صفة البخل المهلك. والثالث: شكر نعمة المال، فليتذكر إنعام الله عليه إذ هو المعطى لا المعطي! ويزاد على ما ذكره ابن الجوزي ما يلي: 1- إعانة الضعفاء وكفاية ذوي الحاجة وقضاء الدين عن أهله. 2- تقوية روح الجماعة بين أفراد المجتمع والتخلص من الإفراط ف حب الذات. 3- نشر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع وعدم شعور الفقراء بالحقد على الأغنياء أو حسدهم. 4- الحفاظ على الدولة الإسلامية وحماية حوزة المسلمين عن طريق تقوية الجيوش والإنفاق على الجهاد والمجاهدين. الحث على الصدقة أخي المسلم الحبيب: رغب الإسلام في الصدقة، والعطف على الفقراء، ومواساة أهل الحاجة والمسكنة، ورتب على ذلك أعظم الأجر عند الله تعالى يوم القيامة. فعن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة وبين النبي وبين النبي والصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، فعن أنس وأخبر النبي وأخبر الله سبحانه وتعالى أن الصدقة زكاة وطهارة للمسلم، حيث تزكو نفسه وترتفع عن أخلاق السفلة من الشح والبخل ولأثرة وغيرها قال تعالى: وبين رسول الله إخواني: إنما يحسن البكاء والأسف على فوات الدرجات العلا والنعيم المقيم لما سمع الصحابة رضي الله عنهم قول الله عز وجل: أما نحن فعكسنا الأمر، فصار تنافسنا في الدنيا الدنية وحظوظها الفانية. قال الحسن: إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة!! وقال وهيب بن الورد: إذا استطعت أن لا يسبقك أحد فافعل. وقال عمر بن عبدالعزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة: ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غفر له. الله أكبر ! أين التنافس إلى الطاعات؟ أين التسابق في الخيرات؟ أين بذل الزكاة والصدقات؟ أين أصحاب الهمم والعزمات؟ آداب المزكي والمتصدق أخي المسلم الموفق: اعلم أن الإنفاق يشمل الزكاة المفروضة، والصدقة النافلة، والإيثار والمواساة للإخوان، وينبغي على المزكي والمتصدق مراعاة ما يلي: 1- إصلاح النية: فينبغي للمتصدق أن يصلح نيته، فيقصد بالصدقة وجه الله عز وجل، فإنه إن لم يقصد وجه الله، وقد بها رياء وسمعة لم تقبل منه، وعوقب على ذلك أيضا. 2- تخير الحلال: فعن ابن عمر رضي الله عنه، عن رسول الله 3- وعن أبي هريرة 3- تخير الأجود: قال تعالى: قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أبو طلحة أكثر أنصاري المدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء – أرض بالمدينة – وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله وعن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه عز وجل، قال نافع: وكان بعض رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم فلزم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحالة الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبدالرحمن! والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابن عمر لهم: من خدعنا بالله انخدعنا له !! وعن سعيد بن هلال أن ابن عمر رضي الله عنهما نزل الجحفة وهو مريض فاشتهى سمكا، فلم يجدوا إلا سمكة واحدة، فلما قربت إليه أتى مسكين حتى وقف عليه، فقال له ابن عمر خذها، فقال له أهله: سبحان الله! قد عنيتنا ومعنا زاد نعطيه. فقال: إن عبدالله يحبه!! وقف سائل على باب الربيع فقال: أطعموه سكراً فقالوا: ما يصنع هذا بسكر؟ نطعمه خبزا أنفع له. قال: ويحكم أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر!! 4- تقديم الأقرباء: فمن الآداب أن يقدم المتصدق ذوي الحاجة من أقربائه وذوي رحمه، فقد أمر رسول الله وقال رسول الله 5- تحري أهل الدين: وعلى المتصدق أن يتحرى بصدقته أهل الدين الذين يستعينون بهذه الصدقة على طاعة الله، ولا ينفقونها في معصيته فيكون معاونا لهم على المعصية والإثم. 6- إسرار الصدقة: وعلى المتصدق أن يسر صدقته ما استطاع، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة، فقد قال الله سبحانه: وذكر رسول الله 7- إخراج ما سهل وإن قل: ومن الآداب أن يخرج المعطي ما سهل وإن قل، ولا يرد سائلا ولو بأيسر شئ فعن جابر وقال الحسن: أدركنا أقواما كانوا لا يردون سائلا إلا بشيء. وأتى سائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعندها نسوة، فأمرت له بحبة عنب، فتعجبن النسوة فقالت: إن فيها ذرا كثيرا !! تتأول قوله تعالى: 8- ولا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إذا حال الحول لأنها حق للفقير، ويجوز تقديمها على الحول. 9- وعلى المتصدق أن يتلطف مع الفقير وهو يعطيه، ولا يبطل صدقته بالمن والأذى قال تعالى: 10- وعلى المسلم أن يعود نفسه الصدقة والعطاء والإيثار ولو كان فقيرا قليل ذات اليد، فقد سئل رسول الله وعن أبي هريرة إيثار حتى الموت !! استشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل ين عمرو، والحارث ين هشام، وجماعة من بني المغيرة، فأتوا بماء وهم صرعى وأتي عكرمة بالماء، فرأى سهيل بن عمرو ينظر إليه، فقال: ابدؤوا بهذا فجيء إلى الحارث بن هشام فإذا هو قد مات، ثم جيء إلى عكرمة فإذا هو قد مات، ثم جيء إلى سهيل بن عمرو فإذا هو قيد مات، فماتوا جميعا قبل أن يشربوا، فمر بهم خالد بن الوليد أخي: كم بينك وبين الموصوفين كما بين المجهولين والمعروفين.. آثرت الدنيا، وآثروا الدين … فتلمح تفاوت الأمر يا مسكين !! أم الفقير فما يخطر ببالك.. فإذا حاء سائل أغلظت له في مقالك، فإن أعطيته فحقيرا يسيرا من رديء مالك. أفضل أوقات الصدقة عن أبي هريرة صور من إنفاق السلف تركت له الله ورسوله: عن عمر بن الخطاب رجل واحد يجهز جيشا: وكان عثمان يطفئ السراج لئلا يتحرج السائل !! وروي عن سعيد ين العاص أنه كان يعشي الناس في رمضان، فتخلف عنده ذات ليلة شاب من قريش بعدما تفرق الناس، فقال له سعيد: أحسب أن الذي خلفك حاجة؟ قال: نعم! أصلح الله الأمير. قال: فضرب سعيد الشمعة بكمه فأطفأها ثم قال: ما حاجتك؟ قال: تكتب لي إلى أمير المؤمنين أن علي دينا، وأحتاج إلى مسكن وخادم. قال: كم دينك؟ قال: ألفا دينار، وذكر ثمن المسكن والخادم، فقال سعيد: تكفيك مؤونة السفر، اغد فخدها منا. فكان الناس يقولون: إن إطفاء الشمعة احسن من إعطائه المال، لئلا يرى في وجهه ذل المسألة!! بشرى للفقراء قال ابن رجب: وقد كان بعض الصحابة يظن أن لا صدقة إلا بالمال، فأخبره النبي تصدق بعض الأغنياء بمال كثير،فبلغ ذلك طائفة من فقراء الصالحين، فاجتمعوا في مكان، وحسبوا ما تصدق به من الدراهم، وصلوا بدل كل درهم تدق به لله ركعة !! هكذا يكون استباق الخيرات، والتنافس في علو الدرجات. فسبحان من فضل هذه الأمة وفتح لها على يدي نبيها أبواب الفضائل الجمة، فما من عمل عظيم يقوم به قوم ويعجز عنه آخرون، إلا وقد جعل الله لمن عجز عملا يساويه ويفضل عليه، فتتساوى الأمة كلها في تحصيل الخيرات ونيل علو الدرجات. مجالات الصدقة أخي المسلم: للصدقة مجالات عديدة جدا يصعب حصرها، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض هذه المجالات على سبيل الاختصار: * الإنفاق على الفقراء والمحتاجين وإسقاط الديون عن المدينين. * بناء المساجد والإنفاق عليها وعلى الأئمة والمؤذنين والقائمين عليها. * سقي الماء وحفر الآبار في الأماكن التي لا يصل إليها الماء. * إطعام الطعام وشراء الملابس وتوزيعها. * الإنفاق على طب العلم وشاء الكتب والأدوات الدراسية لهم. * طباعة الكتب والأشرطة الإسلامية وتوزيعها. * توزيع المصحف الشريف على الشعوب الإسلامية في العالم * الإنفاق على حلقات تحفيظ القرآن الكريم ورصد المكافآت للطلاب والمدرسين. * بناء المدارس ودور العلم والمستشفيات. * بناء الملاجئ ودور الأيتام والمسنين والمساكن للغرباء من طلبة العلم وأبناء السبيل. * الصدقة على فقراء الحجاج والمعتمرين والزوار وتوفير الطعام والشراب والمراكب لهم. * الإنفاق على الأرامل والأيتام وكبار السن. * الإنفاق على الجهاد والمجاهدين ودعم المستضعفين من المسلمين في كل مكان. * مساعدة الشباب المسلم على الزواج. * الإنفاق على الدعاة وإرسالهم إلى مشارق الأرض ومغاربها. * رعاية الأقليات المسلمة في العالم، وربطهم بدينهم حتى لا تذوب هويتهم الإسلامية. * تخصيص الأموال للجوائح والعوارض الطارئة كالحرائق والأمراض والكوارث والزلازل والسيول وغيرها. * الإنفاق على مغاسل الأموات التي تقوم بتجهيز الموتى مجاناً. أصحاب الهمم العالية أخي المسلم: صاحب الهمة العالية، والنفس الشريفة لا يرضى بالأشياء الدنية الفنية، وإنما همته المسابقة إلى الدرجات الباقية الذاكية التي لا تفنى، ولا يرجع عن مطلوبه ولو تلفت نفسه في طلبه، ومن كان في الله تلفه، كان على الله خلفه. قيل لبعض المجتهدين في الطاعات: لم تعذب هذا الجسد قال: كرامته أريد! العاقل يغبط من أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علو المدرجات، والجاهل يغبط من أنفق ماله في الشهوات، وتوصل إلى اللذات والمحرمات. العالي الهمة يجتهد في نيل مطلوبه، ويبذل ماله في الوصول إلى رضا محبوبه، فأما خسيس الهمة فأجتهاده في متابعة هواه، ويتكل على مجرد العفو، فيفوته – إن حصل له العفو – منازل السابقين. قال بعض السلف: هب أن المسيء عفي عنه أليس قد فاته ثواب المحسنين؟! فيا مذنبا يرجو من الله عفوه أترضى بسبق المتقين إلى الله؟! وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المصادر: الحدائق لابن الجوزي. عدة الصابرين لابن القيم. الفوائد لابن القيم. لطائف المعارف ابن رجب. (مصدر التفريغ : موقع كلمات – قسم الدعوة و التربية) |
التصنيفات: T2, الزكاة و الصدقة, دار الوطن