(نسخة مصوّرة بجودة عالية بصيغة Pdf / عدد الأوجه : 10 / مقاس : 9.5*21 سم ) | |
التفريغ النصّي للمطويّة :
الحمد لله ذي الملكوت والسلطان، والصلاة والسلام على رسول ربنا الرحمن، محمد وعلى آله وصحبه البررة الكرام، أما بعد: أخي المسلم: هل رأيت القبور؟ هل رأيت ظلمتها؟ هل رأيت وحشتها؟ هل رأيت شدتها؟ هل رأيت ضيقها؟ هل رأيت هوامها وديدانها؟ أما علمت أنها أعدت لك كما أعدت لغيرك؟ أما رأيت أصحابك وأحبابك وأرحامك نقلوا من القصور إلى القبور.. ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود.. ومن ملاعبة الأهل والولدان إلى مقاساة الهوام والديدان.. ومن التنعيم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب.. ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحدة.. ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل؟ فأخذهم الموت على غرة، وسكنوا القبور بعد حياة الترف واللذة، وتساووا جميعاً بعد موتهم في تلك الحفرة، فالله نسأل أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة. هول القبور
عن هانئ مولى عثمان قال: عثمان وفي حديث جابر بن عبدالله عن النبي أخي الكريم: ووعظ عمر بن عبدالعزيز يوماً أصحابه فكان من كلامه أنه قال: ( إذا مررت بهم فنادهم إن كنت منادياً، وادعهم إن كنت داعياً، ومر بعسكرهم، وانظر إلى تقارب منازلهم.. سل غنيهم ما بقي من غناه؟.. واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرون.. واسألهم عن الجلود الرقيقة، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان؟!.. أكلت الألسن، وغفرت الوجوه، ومحيت المحاسن، وكسرت الفقار، وبانت الأعضاء، ومزقت الأشلاء فأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم؟ وجمعهم وكنوزهم؟ أليسوا في منازل الخلوات؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء؟ قد حيل بينهم وبين العمل، وفارقوا الأحبة والمال والأهل ). فيا ساكن القبر غداً! ما الذي غرك من الدنيا؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمارك اليانعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟.. ليت شعري بأي خديك بدأ البلى.. يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموت.. ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا..وما يأتيني به من رسالة ربي.. ثم انصرف رحمة الله فما عاش بعد ذلك إلا جمعة. إخوتي: تفكروا في الذين رحلوا.. أين نزلوا؟ وتذكروا، القوم نوقشوا وسئلوا.. واعلموا أنكم كما تعذلون عذلوا.. ولقد ودوا بعد الفوات لو قبلوا.. ولكن هيهات هيهات وقد قبروا. عن وهب بن الورد قال: بلغنا أن رجلا فقيها دخل على عمر بن عبدالعزيز فقال: سبحان الله! فقال له عمر: وتبينت ذلك فعلا؟ فقال له ك الأمر أعظم من ذلك! فقال له عمر: يا فلان! فكيف لو رأيتني بعد ثلاث، وقد أدخلت قبري.. وقد خرجت الحدقتان ن، وتقلصت الشفتان عن الأسنان.. وانفتح الفم.. ونتأ البطن فعلا الصدر.. وخرج الصديد من الدبر!! وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: “ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم.. من الموت موعده.. والقبر بيته.. والثرى فراشه.. والدود أنيسه.. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر.. كيف يكون حاله؟!”، ثم بكي رحمه الله. عظة القبور قال عبدالحق الأشبيلي: ( فينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنه ميت، وأنه قد لحق بهم، ودخل معسكرهم، وأنه محتاج إلى ما هم إليه محتاجون، وراغب فيما فيه يرغبون، فليأت إليهم ما يحب أن يؤتى إليه، وليتحفهم بما يحب أن يتحف به، وليتفكر في تغير ألوانهم، وتقطع أبدانهم، ويتفكر في أحوالهم، وكيف صاروا بعد الأنس بهم والتسلي بحديثهم، إلى النفار من رؤيتهم، والوحشة من مشاهدتهم وليتفكر أيضاً في انشقاق الأرض وبعثرة القبور، وخروج الموتى وقيامهم مرة واحدة حفاة عراة غرلاً، مهطعين إلى الداعي، مسرعين إلى المنادي ). فتنة القبور أخي المسلم: ماذا أعددت لأول ليلة تبيتها في قبرك؟ أما علمت أنها ليلة شديدة، بكى منها العلماء، وشكا منها الحكماء، وشمر لها الصالحون الأتقياء؟ ![]() ![]() وعن أبي هريرة عن النبي ويا إخوتاه! ألا تبكون من القبر وضمته؟ ويا أخوتاه! ألا تبكون خوفاً من النار في القيامة؟ ويا أخوتاه! ألا تبكون خوفاً من العطش يوم الحسرة والندامة؟ عذاب القبر ونعيمه أخي الكريم: ثبت عذاب القبر بالكتاب والسنة والإجماع، ولا ينكر ذلك إلا مكابر ومعاند قال تعالى: وقال سبحانه: وعن البراء بن عازب وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي وعن أبي هريرة وعن أنس حديث القبور روي عن علي بن أبي طالب وروى أسيد بن عبدالرحمن أنه قال: ( بلغني أن المؤمن إذا مات فحمل قال: أسرعوا بي، فإذا وضع في لحده كلمته الأرض فقالت: كنت أحبك وأنت على ظهري، فأنت الآن أحب إلي في بطني. وإذا مات الكافر فحمل قال: ارجعوا بي، فإذا وضع في لحده كلمته الأرض فقالت: كمت أبغضك وأنت على ظهري، فأنت الآن أبغض إلي في بطني!! ). ويقال: إن الأرض تنادي كل يوم فتقول: يا ابن آدم تمشي على ظهري ومصيرك في بطني!! يا ابن آدم تأكل الألوان على ظهري، وتأكلك الديدان في بطني! يا ابن آدم تضحك على ظهري، فسوف تبكي في بطني! يا ابن آدم تفرح على ظهري، فسوف تحزن في بطني! يا ابن آدم تذنب على ظهري فسوف تعذب في بطني! زيارة القبور
أخي الحبيب: حيث أن اله وسلم على زيارة الموتى في قبورهم، والأعتبار بأحوالهم، فقال عليه الصلاة والسلام: { زوروا القبور فإنها تذكر الموت } [رواه مسلم]. وقال النبي وكان النبي صلى الله عليه إذا أتى المقابر قال: { السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لا حقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع، أسأل الله لنا ولكم العافية } [رواه مسلم]. وفي زيارة القبور فوائد كثيرة منها أنها: 1- تذكر الموت والآخرة. 2- تقصر الأمل. 3- تزهد في الدنيا. 4- ترقق القلوب. 5- تدمع الأعين. 6- تدفع الغفلة. 7- تورقث الخشية. 8- تورث الاجتهاد في العبادة. قال محمد بن واسع لرجل: ( ما أعجب إلى منزلك! فقال: وما بعجبك من منزلي وهو عند القبور؟ قال: وما عليك، يكفون الأذى ويذكرون الآخرة!! ). الأسباب الموجبة لعذاب القبر أخي المسلم الموفق: ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن أهل القبور يعذبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم لمعاصيه، فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده، فعذاب القبر يكون على معاصي القلب، والعين، والأذن، والفم، واللسان، والبطن، والفرج، واليد،، والرجل، والبدن كله، فمن أغضب الله واسخطه في هذه الدار ثم لم يتب، ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب. وقد ورد الوعيد بالعذاب في القبر على كثير من المعاصي والذنوب منها: 1- النميمة والغيبة. 2- عدم الاستبراء من البول. 3- الصلاة بغير طهور. 4- الكذب. 5- تضييع الصلاة والتثاقل عنها. 6- ترك الزكاة. 7- الزنى. 8-الغلول من المغنم (السرقة). 9- الخيانة. 10- السعي في الفتنة بين المسلمين. 11- أكل الربا. 12- ترك نصرة المظلوم. 13- شرب الخمر. 14- إسبال الثياب تكبراً. 15- القتل. 16- سب الصحابة. 17- الموت على غير السنة (البدعة). وقال رحمه الله بعد أن ذكر أنواع كثيرة من المحرمات التي يعذب بها الموتى في قبورهم: ( وما كان أكثر الناس كذلك، كان أكثر أهل القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حيل بينها وبين أمانيها.. تالله لقدت وعظت لواعظ مقالا، ونادت: يا عمار الدنيا لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالاً، وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالاً هذه دار الاستيفاء، ومستودع الأعمال، وبذر الزرع، وهي محل للعبر، رياض من رياض الجنة، أو حفر من حفر النيران ). فاعتبروا يا أولي الأبصار
إخواني: كم من ظالم تعدى وجار، فما راعي الأهل ولا الجار، بينا هو عقد الإصرار، حل به الموت فحل من حلته الأزرار ما صحبه سوى الكفن، إلى بيت البلى والعفن، ولو رأيته وقد حلت به المحن، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار أين مجالسة العالية؟ أين عيشته الصافية؟ أين لذاته الخالية؟ كم كم تسفى على قبره سافية!! ذهبت العين وأخفيت الآثار تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وصار فراشه الجندل والتراب، وربما فتح له في اللحد باب إلى النار نادم بلا شك ولا خفا، باك على ما زل وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفا، وعلم انه كان يبني على شفا جرف هار الأسباب المنجية من عذاب القبر وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن أسباب النجاة من عذاب اقبر، هي أن يتجنب الإنسان تلك الأسباب التي تقتضي عذاب القبر، وهي جميع المعاصي والذنوب. وذكر رحمه الله أن من أنفع تلك الأسباب: أن يحاسب المرء نفسه كل يوم على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد التوبة، النصوح بينه وبين الله، فينم على تلك التوبة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل، مسرورا بتأخير أجله، حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته، ولا ينام إلا على طهارة، ذاكراً الله عز وجل، مستعملاً الأذكار والسنن التي ورت عن الرسول ثم ذكر رحمه الله الطاعات التي ورد أنها مما ينجي من عذاب القبر وهي: 1- الرباط في سبيل الله. 2- الشهادة في سبيل الله. 3- قراءة سورة الملك. 4- الموت بداء البطن. 5- الموت يوم الجمعة. الثبات عند الموت قال الفقيه أبو الليث المرقندي: ويكون التثبيت في ثلاثة أحوال، لمن كان مؤمنا مخلصا مطيعا لله تعالى: أحدهما: في حال معاينة ملك الموت. ثانيها: في حال سؤال منكر ونكير. وثالثها: في حال سؤاله عند المحاسبة يوم القيامة. فأما التثبيت عند معاينة ملك الموت فهو على ثلاثة أوجه: الأول: العصمة من الكفر، وتوفيق الاستقامة على التوحيد، حتى تخرج روحه وهو على الإسلام. والثاني: أن تبشره الملائكة بالرحمة. والثالث: أن يرى موضعه من الجنة. وأما التثبيت في القبر فهو على ثلاثة اوجه: الأول: أن يلقنه الله تعالى الصواب[، حتى يجيب الملكين بما يرضى عنه الرب. والثاني: أن يزول عنه الخوف والهيبة والدهشة. والثالث: أن يرى مكانه في الجنة، فيصير القبر روضة من رياض الجنة. وأما التثبيت عند الحساب فعلى ثلاثة أوجه: الأول: أن يلقنه الحجة عما يسأل عنه. والثاني: يسهل عليه الحساب. والثالث: أن يتجاوز عنه الزلل والخطايا. فالواجب على كل مسلم أن يستعيذ بالله تعالى من عذاب القبر، وأن يستعد له بالأعمال الصالحة قبل أن يدخل فيه، فإنه قد سهل عليه الأمر ما دام في الدنيا، فإذا دخل القبر فإنه يتمنى أن يؤذن له بحسنة واحدة أو يؤذن بأن يصلي ركعتين، أو يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله ولو مرة واحدة، أو يؤذن له بتسبيحه واحدة، فلا يؤذن له، فيبقى في حسرة وندامة، ويتعجب من الأحياء كيف يضيعون أيامهم في الغفلة والبطالة؟! (مصدر التفريغ : موقع كلمات – قسم الرقائق و المواعظ) |
التصنيفات: T2, دار الوطن, مطويّات متنوّعة في قسم الأخلاق و الرقائق