(نسخة مصوّرة بجودة عالية بصيغة Pdf / عدد الأوجه : 10 / مقاس : 9.5*21 سم ) | |
التفريغ النصّي للمطويّة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد.. فلقد أرسل الله تعالى نبينا محمد وكان الكتاب المبارك أعظمها قدراً، وأعلاها مكانة وفضلاً.. قال النبي إنه القرآن.. كتاب الله ووحيه المبارك.. القرآن.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.. أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً.. فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم.. هو الجد ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.. وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم.. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد.. لا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم.. أنزله الله رحمةً للعالمين، ومحجةً للسالكين، وحجةً على الخلق أجمعين، ومعجزةً باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه.. من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، قال إنها كرامة.. وأي كرامة.. أن يكون بين أيدينا كتاب ربنا، وكلام مولانا، الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.. حالنا مع القرآن.. من تأمل حالنا مع هذا الكتاب العظيم ليجد الفرق الشاسع والبون الواسع بين ما نحن فيه وما يجب أن نكون عليه. إهمالاً في الترتيل والتلاوة، وتكاسلاً عن الحفظ والقراءة، وغفلة عن التدبر والعمل.. والأعجب من ذلك أن ترى كثيراً من المسلمين ضيعوا أوقاتهم في مطالعة الصحف والمجلات، ومشاهدة البرامج والمسلسلات، وسماع الأغاني والملهيات، ولا تجد لكتاب الله تعالى في أوقاتهم نصيباً، ولا لروعة خطابه منهم مجيباً..!! فأي الأمرين إليهم أحب، وأيهما إليهم أقرب.. ورسول الهدى وترى أحدنا إذا قرأ القرآن لم يحسن النطق بألفاظه، ولم يتدبر معانيه ويفهم مراده.. فترانا نمر على الآيات التي طالما بكى منها الباكون، وخشع لها الخاشعون، والتي لو أنزلت على جبل.. وترانا نمر على الآيات تلو الآيات، والعظات تلو العظات، ولا نفهم معانيها، ولا ندرك مراميها، وكأن أمرها لا يعنينا، وخطابها لا يناجينا.. فقل لي بربك ما معنى أي هجران بعد هذا الهجران، وأي خسران أعظم من هذا الخسران..؟! والرسول قال عثمان رضي الله عنه: ( لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم ).. أهل القرآن.. اسمع – رعاك الله – إلى شيء من خبر أهل القرآن وفضلهم. فلعل في ذكرهم إحياء للعزائم والهمم، وترغيبا فيما نالوه من عظيم النعم.. فأهل القرآن هم الذين جعلوا القرآن منهج حياتهم، وقيام أخلاقهم، ومصدر عزتهم واطمئنانهم… فهم الذين أعطوا كتاب الله تعالى حقه.. حقه في التلاوة والحفظ، وحقه في التدبر والفهم، وحقه في الامتثال والعمل.. وصفهم الله تعالى بقوله: أنزلوا القرآن منزلته؛ فأعلى الله تعالى منزلتهم.. فعن أنس بن مالك رفعوا القرآن قدره، فرفع الله قدرهم، وجعل من إجلاله إكرامهم.. فعن أنس بن مالك ففضلهم ليس كفضل أحد، وعزهم ليس كعز أحد.. فهم أطيب الناس كلاماً، وأحسنهم مجلساً ومقاماً.. تغشى مجالسهم الرحمة، وتتنزل عليهم السكينة، قال وهم أولى الناس بالإمامة والإمارة.. قال ولما جاءت الواهبة نفسها للنبي بل وحتى عند الدفن فلصاحب القرآن فيه شأن.. فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي وهم مع ذلك في حرز من الشيطان وكيده.. قال وهم كذلك في مأمن من الدجال وفتنته.. فعن أبي الدرداء هذا شيء من منزلتهم في دار الفناء، أما في دار البقاء فهم من أعظم الناس كرامة وأرفعهم درجة وأعلاهم مكانة. فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله وعن بريدة وعن أبي هريرة وهم مع هذا في موقف القيامة آمنين إذا فزع الناس، مطمئنين إذا خاف الناس، شفيعهم – بعد رحمة الله تعالى – القرآن، وقائدهم هنالك سوره الكرام.. فعن أبي أمامة فهل يا ترى يضيرهم بعد ذلك شيء..؟! واجبنا نحو القرآن..
إن حق القرآن علينا كبير، وواجبنا نحوه عظيم.. فمن حقه علينا.. الاعتقاد فيه بعقيدة أهل السنة والجماعة.. فهو كلام الله عز وجل، مُنزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به قولاً، وأنزله على رسوله ومن حقه علينا.. إنزاله منزلته، وتعظيم شأنه، وإحترامه وتبجيله وكمال محبته.. فهو كلام ربنا ومحبته محبة لقائله. قال ابن عباس رضي الله عنه: ( من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحب القرآن فهو يحب الله، فإنما القرآن كلام الله.. ). ومنها.. تعلم علومه وتعليمه والدعوة إليه.. قال فاحرص – رعاك الله – على تعلم تلاوته وتجويده، وكيفية النطق بكلماته وحروفه. قال ثم أليس من الخزي – وأي خزي – أن يشيب الرجل في الإسلام وهو لا يحسن تلاوة القرآن؟! واحذر – وفقك الله – من القول فيه بلا علم أو برأيك.. فهذا أبو بكر الصديق واحرص – حرم الله وجهك على النار – على الإخلاص عند قراءته وتعلمه وتعليمه.. فقد ورد عنه ومنها.. المحافظة على تلاوته وترتيله.. قال تعالى: نعم.. كيف تبور تجارتهم وربحهم وافر.. قال رسول الله فاحرص – حفظك الله – أن يكون لك ورد يومي لا تتخلف عنه أبداً يفضي بك الى ختم كتاب الله تعالى بصورة دورية. ولتكن قراءتك للقرآن بتدبر وخشوع، تقف حيث يحسن الوقوف، وتصل حيث يحسن الوصل، إن مررت بآية وعد سألت الله من فضله، وإن مررت بآية وعيد تعوذت، وإن مررت بآية تسبيح سبحت، وإن مررت بسجدة سجدت.. واجتهد في تحسين صوتك بالقرآن، والتغني به، لقوله وليكن لليلك نصيب وافر من قراءتك وقيامك، فهو وقت الأخيار، وغنيمة الأبرار، قال قال تعالى: ومنها فهم معانيه وتدبرها، ومعرفة تفسيره والاتعاظ به.. فالقرآن ما نزل إلا للتدبر والتفكر، والفهم والعمل، قال تعالى: وكيف يطيب لعبد حال، ويهنأ بعيش أو منام، وهو يعلم أنه سيلقى الله تعالى يوماً وكتابه بين يديه، ولم يحسن صحبته، وقد يكون حجة عليه..؟! ومنها.. الحرص على حفظه وتعاهده.. فهو غنيمة أصحاب الهمم العالية، والعزائم الصادقة.. لهم من رسول الله فإن قصرت همتك عن حفظه كله فاحذر – رعاك الله – أن تكون ممن قال ومنها.. إقامة حدوده والعمل به، والتخلق بأخلاقه، وتحكيمه.. فالعمل به أساس النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وهجره طريق الذلة والهلاك في الدنيا والآخرة.. فعن سمرة بن جندب أخي الكريم.. قال تعالى: قال ابن كثير رحمه الله: ( فترك تصديقه من هجرانه، وترك تبره وفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه الى غيره من شعر أو غناء أو لهو من هجرانه.. ). وهجر القرآن طريق الى أن يكون القرآن حجة على العبد يوم القيامة.. وأخيراً.. إننا ما زلنا في زمن الإمكان، والقدرة على التوبة والاستغفار.. فضع يدك في يدي، وتعال لنعلنها توبةً نصوحاً لله تعالى من تقصيرنا في حق كتابه، وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته.. ولنجدد مع كتاب الله تعالى العلاقة، قبل أن نبحث عنه فلا نجد له خبراً، ونستعين به فلا نجد له أثراً.. قال اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وحجةً لنا لا علينا.. آمين. (مصدر التفريغ : موقع كلمات ) |
التصنيفات: T2, القرآن الكريم, دار القاسم